...
وأما قول الملحد: "قد تقدم آنفاً أن التوسل من ضروريات حياة الإنسان الدنيوية وإباحة الشرع للمنافع الأخروية. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة، الآية:35] وكذلك جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه قولاً وفعلاً".
والجواب: أنه قد تقدم الكلام على مسألة التوسل والوسيلة، وتحقيق القول في معناهما لغة وشرعاً وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم قولاً واحداً بأنهما القربة والتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة، ولم يقل أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان من القرون المفضلة- وفيهم الأئمة الأربعة- إن التوسل والوسيلة: هما دعاء الأموات، وجعلهم وسيلة وواسطة بين الله تعالى وبين عباده، يرفعون إليه تعالى حاجاتهم كما يقوله هذا الملحد ومضللوه دعاة الوثنية، حيث يقولون: إن الأموات أقرب إلى الله تعالى من الأحياء، وأنهم يسمعون نداء من يناديهم، ويجيبون دعاء داعيهم وقد شبهوا الخالق جل جلاله بخلقه، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً.
فكلام هذا الملحد من هذر المجانين، وزخرفة الشياطين، الذين يلبسون الحق بالباطل، لترويج مذهب الوثنيين عبّاد الأموات، وإشراكهم في عبادة الله تعالى فاطر الأرض والسموات. فهم يتعلقون بالأسماء مع قلب الحقائق، ويقولون: هذا من عند الله، وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون قاتلهم الله أنى يؤفكون.