ويسمونها آلهة حقيقية، ويتقربون إليها بجميع أنواع العبادة، ويذكرون أسماءها على ذبائحهم دون اسم الله، ويعتقدون أن النفع والضر والخير والشر بيد تكل الآلهة وبأمرهم".
فالجواب: أن هذه الملحد يعني بقوله أولئك المشركين الأولين، يقول عنهم: إنهم كانوا يعبدون تلك الأصنام لذاتها ولا يذكرون لهم إلهاً غيرها، صارفين لها جميع أنواع العبادة بأسمائها، لا يذكرون اسم الله تعالى- إلى آخر كلامه الذي هو تحريف الكلم عن مواضعه- وليس الحق بالباطل، والمدافعة عن أعمال عباد الأوثان باسم القبور من هذه الأمة الذي سلكوا سبيل من قبلهم من المشركين الأولين، يقول عنهم هذا الملحد: "إنهم لا يسمون من يدعونهم من الأموات أصناماً كما يسميهم المشركون قبلهم، بل هم أولياء مقربون عند الله ولهم عنده كرامات فهم لهم وسيلة وشفعاء، ووسطاء بينهم وبين الله تعالى". وما إلى هذه الأسماء التي يصرفون لهم فيها مخ العبادة من دون الله تعالى من الدعاء وسفك الدماء، ونذر النذور وغيرها من الأعمال التي لا يجوز صرفها لغير الله تعالى، بل أشركوهم مع الله تعالى في توحيد ربوبيته، زاعمين أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون، وغير ذلك من العقائد التي فاقوا بها على شرك المشركين عباد الأصنام، وهذا كتاب الله تعالى يخبر عن المشركين عباد الأصنام: أنهم كانوا يقرون لله تعالى بأنه ربهم، وخالقهم ورازقهم، وأن الأرض وما فيها له وحده، وأنه رب السموات السبع ورب العرش العظيم، وأن بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه، وأنهم ما عبدوا مَن عبدوا من تلك الأصنام إلا ليقربوهم إلى الله زلفى. ويقولون: {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس، الآية:18] كما أخبر بذلك عنهم أصدق القائلين في كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر، الآية:3] ويقول تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس، الآية:18] ويقول تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ