مؤكدة، وقال القاضي عياض في الشفاء: إنها سنّة من سنن المسلمين، مجمع عليها، أي على كونها سنّة مأثورة، وفضيلة مرغب فيها. انتهى.
وقال في صحيفة "298" من الجزء المذكور، ولابن عدي في الكامل وابن وآخرين، كلهم عنابن عمر مرفوعاً: "من حج ولم يزرني فقد جفاني" ولا يصح إسناده. وعلى تقدير ثبوته فليتأمل قوله "فقد جفاني" فإنه ظاهر في حرمة ترك الزيارة لأن الجفاء بالمد ويقصر، نقيض الصلة: أذى، والأذى حرام بالإجماع. فتجب الزيارة إذ إزالة الجفاء واجبة وهي- أي إزالة الجفاء- بالزيارة، فالزيارة حينئذ واجبة ولا قائل به إلا الظاهرية، انتهى.
فأين هذا مما يزعمه الكذاب الحاج مختار على السادة المالكية؟ جزاه الله بما جزى به الكاذبين أمثاله.
قال المعترض الأحمق: "قلت: إن من لم يجاور في المدينة مدة ما، أو يأتيها في الموسم لا يعرف من أحوالها والمعجزات الظاهرة فيها شيئاً، أما وفود الزوار فلو جاء أعداء الله ورسوله إلى المدينة المنورة في شهر محرم، حينما يأتي الزوار القافلون من الحج، ورأوا مئات ألوف من مسلمي أقطار الأرض يطوفون حول الحجرة الطاهرة في الصباح، وبعد العصر وكل منهم ينادي بلغته، ويتوسل بلسانه متوسلاً بصاحب الشفاعة لائذاً بحماه، وسمعوا عجيجهم وثجيجهم، وبكاءهم ونحيبهم، لعميت عيونهم، وانفطرت قلوبهم، وانشقت أفئدتهم. وقال العاقل منهم: كل هؤلاء الناس على ضلال ونحن على هدى؟ إن هذا محال، وهزؤ لا تتصوره عقول العقلاء".
أقول: يزعم هذا الملحد المارق بأننا أعداء لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وما ذنبناعنده إلا إتّباعنا لكتاب الله تعالى وسنّة نبيّنا صلى الله عليه وسلم، وهو أننا لا نغلو بالقبر وأصحابها ولا نصرف للمقبورين حقاً من حقول الله تعالى، ولا نتخذها مساجد، ممتثلين أمر نبينا صلى الله عليه وسلم فيما جاءتنا به الأحاديث الصحيحة الصريحة، التي