وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [الحج، الآية:17] ، وقال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة، الآية:82] ، وأما وصفهم بالشرك ففي قوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة، الآية:31] فنزه نفسه تعالى عن شركهم. وذلك أن أصل دينهم: ليس فيه شرك، فإن الله إنما بعث رسله بالتوحيد، والنهي عن الشرك كما قال تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف، الآية:45] ، وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل، الآية:36] ، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء، الآية:25] فالمسيح صلوات الله وسلامه عليه ومن قبله من الرسل إنما دعوا إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وفي التوراة من ذلك ما يعظم وصفه، لم يأمر أحد من الأنبياء بأن يعبد ملك، ولا نبي ولا كوكب ولا وثن، ولا أن تسأل الشفاعة إلى الله من ميت ولا غائب ولا نبي ولا ملك، فلم يأمر أحد من الرسل بأن يدعو الملائكة، ويقول: اشفعوا لنا إلى الله، ولا يدعو الأنبياء ولا الصالحين من الموتى والغائبين. ويقول: اشفعوا لنا إلى الله، ولا نصور تماثيلهم ولا مجسدة ذات ظل، ولا مصورة في الحيطان. ولا يجعل دعاء تماثيلهم وتعظيمها قربة وطاعة، وسواء قصدوا دعاء أصحاب التماثيل وتعظيمهم والاستشفاع بهم، وطلبوا منهم أن يسألوا الله تعالى وجعلوا تلك التماثيل تذكرة بأصحابها، أو قصدوا دعاء التماثيل، ولم يستشعروا أن المقصود دعاء أصحابها، كما فعله جهال المشركين، وإن كانوا في هذا جميعه إنما يعبدون الشيطان. وإن كانوا لا يقصدون عبادته فإنه قد يتصور لهم في صورة ما، يظنون أنها صورة الذي يعظّمونه. ويقول: أنا الخضر، أنا المسيح، أنا جرجس، أنا الشيخ فلان، كما وقع هذا لغير واحد من المنتسبين إلى المسلمين والنصارى. وقد يدخل الشيطان في بعض التماثيل فيخاطبهم وقد يقضي بعض حاجاتهم.