أسباب عبادة الأصنام: تصوير الصور وتعظيم القبور. ففي صحيح مسلم وغيره عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأمرني أن لا أدع قبراً مُشْرِفاً إلا سويته، ولا تمثالاً إلا طمسته" وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال في مرض موته: "لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا" وفي الصحيحين أنه قال قبل موته بخمس ليال: "إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد. ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك". ولما ذكرت له أم سلمة وأم حبيبة كنيسة بأرض الحبشة- وذكرتا من زخرفها وتصاوير فيها- قال: "أولئكِ كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً، وصوروا تلك التصاوير، أولئكِ شرار الخلق عند الله" متفق عليه. ونهي: " أن يستقبل الرجل القبر في الصلاة" حتى لا يتشبه بالمشركين الذي يسجدون للقبور. ففي الصحيح أنه قال: "لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها" إلى أمثال ذلك مما فيه تجريد التوحيد لرب العالمين، الذي أنزل الله به كتبه، وأرسل به رسله. فأين هذا ممن يصور صور المخلوقين في الكنائس ويعظمها، ويستشفع بمن صُوّرت على صورته؟ وهل كان أصل عبادة الأصنام في بني آدم من عهد نوح عليه السلام إلا هذا؟ والصلاة إلى الشمس والقمر والكواكب والسجود إليها ذريعة إلى السجود لها. ولم يأمر أحد من الأنبياء باتّخاذ الصور والاستشفاع بأصحابها ولا بالسجود إلى الشمس والقمر والكواكب، وإن كان يذكر عن بعض الأنبياء تصوير صورة لمصلحة، فإن هذا من الأمر التي تتنوع فيها الشرائع بخلاف السجود لها، والاستشفاع بأصحابها. فإن هذا لم يشرعه نبي من الأنبياء ولا أمر قط أحد من الأنبياء أن يدعى غير الله عز وجل، لا عند قبره، ولا في مغيبه، ولا يتشفع به في مغيبه ولا بعد موته. بخلاف الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وفي يوم القيامة، وبالتوسل به بدعائه، والإيمان به. فهذا من شرع الأنبياء عليهم السلام. ولهذا قال تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف، الآية:45] وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ