...
وأما المسألة: "اطلاع الرسول صلى الله عليه وسلم على علم الغيب".
فإن هذا الملحد، ومن أتبعه من المارقين من الدين، يزعمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب استقلالاً، كما يعلمه الله تبارك وتعالى: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً} [الكهف، الآية:5] وهذا الزعم ينكره كل مؤمن بالله وبكتابه وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وكل مؤمن يؤمن بأن الله تعالى يطلق من يشاء من أنبيائه ورسله على بعض المغيبات. وهذه مسألة لا تحتاج إلى جدل، كيف؟ ونصوص الكتاب والكريم ناطقة بذلك. يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل، الآية:65] ، ويقول تعالى: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف، الآية:188} ويقول تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الأحقاف، الآية:9] وقال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً. إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} (الجن، الآيتان:26-27] وقال تعالى: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} [الأنعام، الآية:50] فمن لم يقف مع هذه النصوص ويعطي كل ذي حق حقه فقد جعل مع الله إلهاً غيره.