يكون كدعاء الأموات أو الغائبين، وسؤالهم ما لا يجوز سؤاله إلا من رب العالمين. بل يقول المعترض: إن بحق الأحياء أشد شركاً مما هو في حق الأموات والغائبين والله تعالى يقول في كتابه العظيم: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر، الآية:22] وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو عمل ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" ومن المعلوم بالحس والعقل أنه إذا مات الإنسان فقد انقطعت عنه كل صلة في هذه الحياة الدنيا، وانقطع عنه كل حبيب من قرب أو بعيد، وأفضى إلى عالم آخر، وبرزخ ينتظر فيه يوماً: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج، الآية:2] لا يملكون لأنفسهم نفعاً. ولا يدفعون عنها ضراً فضلاً عن غيرهم أإله من الله أيها المشركون المتعلقون على الأموات؟
وأما الأحياء: فإنهم في دار التكليف، خلقهم الله تعالى لعبادته، ليبلوهم أيهم أحسن عملاً. وجعل لهم أسماعاً وأبصاراً، وقدرة وإرادة. وجعل منافعهم مشتركة فيما بينهم وأمرهم بالتعاون، ورفع بعضهم فوق بعض درجات. ليتخذ بعضهم بعضاً سُخررياً كل ذلك لحكمة، وهي عمارة هذا الكون الذي يجمعهم ويعيشون فيه ولولا ذلك لتعطلت الأسباب، واختل نظام العالم أجمع، فالمساواة بين الأحياء والأموات، وتكليف الأموات بأعمال الأحياء مخالف للمعقول والمنقول، بل للمحسوس الملموس المستقر في فطرة كل مخلوق، إلا من سلب عقله وينه، والحمد لله الذي عافانا.
وأما قول المعترض: "فماذا علينا إذا توسلنا بجاه مَم فضَّله الله على كل خلقه؟ " فقد تقدم الجواب عنه قريباً فلا نعيده.
وأما قوله: "فالمؤمن لا يعتقد أن لمخلوق فعلاً أو تأثيراً".
فالجواب: أن من يجعل المخلوق شريكاً لله تعالى في عبادته يخافه