وعن أي سلف نريد؟ فهل عنده شرائع متعددة، أو سلف غير من حملوا هذه الشريعة المحمدية إلينا؟ حتى يورد علينا هذا السؤال اللائق به، وبكل أعمى ممن قلدهم، من الملحدين الصادين عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فالكتاب والسنة هما دليلنا وحجتنا. ومن قال بهما فهو إمامنا وليس لنا سلف إلا من أرشدنا نبينا صلى الله عليه وسلم إلى اتباع سنتهم، حيث يقول: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور. فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعه ضلالة" فأما الذين يدعون تقليد الأئمة الأربعة، وهم مخالفون لهم فيما هم مجمعون عليه، من النهي عن تقليدهم وتقليد غيرهم، ومع ذلك أيضاً يخالفون فيما هم مجمعون عليه من أصول الدين فضلاً عن فروعه: فدعواهم هذه من أبطل الباطل، بل حقيقتها المغالطة باسم تقليد الأئمة، لترويج باطلهم. يشهد لذلك ما نحن بصدد الرد عليه، مما جاء في رسالة هذا الملحد التي هي بين أيدينا، فقد حشاها بالبدع والشرك في عبادة الله تعالى، ناسباً عمله هذا إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإلى مذهب من قلده من الأئمة الأربعة، يرى ذلك كل مطلع عليها ممن نور الله بصيرته.
يقول هذا الملحد: "هذه كتب أئمتنا وأتباعهم- إلى قوله- أأنتم أعلم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم وطريقة أصحابه وتابعهم، أم من تقدم ومضى من أعلام الفقهاء وأجلاء المحدثين والمفسرين والأولياء والفلاسفة والحكماء من أهل السنة؟ أرأيتم أم سمعتم أن أحداً منهم كان على غير مذهب من المذاهب الأربعة، أو أن أحداً منهم تصدى لوضع مذهب خامس؟ فالافتراء على الأحياء والأموات، وادعاء الإنسان بما ليس فيه سهل. لكن الامتحان يكشف الحق ويكب المبطل على وجهه، فتسود وجوه وتبيض وجوه" إلى آخر ما قاله من الهذيان الذي لا طائل تحته.
فأما قوله" "هذه كتب أئمتنا" فإن كان يقصد الأئمة الأربعة وأتباعهم المحققين لمذهب أئمتهم وما دونوه من الكتب الصحيحة المنقحة في مذهب كل