كمال الهدى والنور لكل مفيد ومستفيد بما أغنى عن إعادته ههنا.
وقد صنف بعض الأئمة في علم الناسخ والمنسوخ وما يلحق بهما كتباً مستقلة ككتاب الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس، وكتاب الموجز في الناسخ والمنسوخ للإمام ابن خزيمة رحمه الله وكتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحافظ أبي بكر محمد بن موسى ألحازمي، وغيرهم ممن تكلم على هذا العلم الذي ليس هو من عويص العلوم، ولا من بحوره المتلاطمة الأمواج، بل هو علم محدود لا خفاء فيه إلا على المقلدين الجامدين على التقليد الأعمى. أمثال الحاج مختار وشيعته الضالين الذين يقولون: إن الناسخ والمنسوخ هو أوسع أسباب الاختلاف بين الصحابة والتابعين والأئمة وأنه عقبة كئود دون فهم نصوص الكتاب والسنة، بل حائل دون الأخذ بأحكامهما إلا بواسطة تقليد الرجال، والقول بقولهم لا بقول الله ولا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا الجاهل الأحمق يقول: "بينما كنت أكتب في هذا الفصل" إلى آخر ما ذكره. وهذا منه تشويه لوجه الحق، وقلب للحقائق فإن أبا داود رحمه الله تعالى قد أبان معنى الأحاديث، وميز بين ما دلت عليه من الحظر والرخصة. فقال: "باب في الصائم يحتجم" أورد فيه حديث ثوبان وما في معنا إلى آخر الباب. ثم قال: "باب الرخصة في ذلك" أورد فيه حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أن الرسول صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم" إلى آخره، فما يريد هذا الأحمق من أبي داود غير هذا البيان؟ ولكن كما قيل:
عليك بالبحث أن تبدي غوامضه ... وما عليك إذا لم تفهم البقر
فأما جزم المعترض الأحمق بأن حديث الحظر كان عام الفتح، وحديث الإباحة كان في حجة الوداع، ودعواه نسخ الأول بالثاني. فهذا ليس بصحيح لأنه لم يثبت تأخر حديث الرخصة على حديث الحظر. ولم تثبت صحة الزيادة التي في حديث ابن عباس. وهي قوله: "في حجة الوداع" والخلاف في هذه المسألة معروف في محله من كتب الأحكام، وإنما القصد