هذا الأحمق – على مذهبه الباطل – أن أحكام الله تعالى لا يصح تلقيها، والعمل بها مباشرة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا بواسطة، فليس أقرب ولا أفضل من أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة". وهل يشك أحد في أن أصحابه صلى الله عليه وسلم هم أفضل هذه الأمة وأقربها إليه، وأكملها علماً وديناً. وقد تلقوا الشريعة منه صلى الله عليه وسلم والوحي ينزل عليه وهو بين أظهرهم، ولم يقبضه الله تعالى حتى أكمل لهم الدين وأتم عليهم النعمة فقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة، الآية: 3] فالرسول صلى الله عليه وسلم بلغ هذا الدين الكامل إلى أصحابه رضي الله عنهم، وأصحابه بلغوه عنه لمن بعدهم، كما سمعوه من نبيهم صلى الله عليه وسلم فهل جاء بعدهم أحد من هذه الأمة بزيادة عن هذا الذي بغله الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه لأصحابه؟ أم هل جاء أعلم منهم بكتابه تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، أو أعلم منهم بلغة العرب الفصحى، لغة القرآن والسنة حتى تدعى الأمة لاتباعه وتقليده دون الصحابة رضي الله عنهم؟ والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء، الآية: 59] ويقول تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء، الآية: 80] والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ" هؤلاء هم أصحابه رضي الله عنهم، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟.
قال المعترض: "ومن عجيب التوفيق أنك تجد نحو ربع أو ثلث البخاري متصلاً للإمام مالك، كما أنك تجد سنن أبي داود كأنها ملخصة من موطأ مالك وهذا ظاهر على شدة الثقة والاعتماد على روايات مالك رضي الله عنهم أجمعين".
والجواب: أن هذا الأحمق – بناء على فهمه الفاسد – يشير بهذا الكلام إلى أن أئمة أهل الحديث – كالبخاري وأبي داود – يعتمدون في أغلب نقلهم في كتبهم على الإمام مالك. فهم بذلك مقلدون له لشدة ثقتهم به، واعتمادهم على