الأربعة من غزارة العلم في جميع فنون علم الشريعة. ولكن لا يلزم من ذلك أن تدعى الأمة لترك الكتاب والسنة والنظر فيهما، وفقه معانيهما، والحرص على العمل بما فيهما من شرائع، مكتفية عنهما بعلوم الأئمة الأربعة، ولا أن تلتزم تقليدهم وعدم الخروج عن هذه الكتب المنسوبة إلى مذاهبهم، وهم لم يعلموا بها، ولا علم بها أصحابهم المعاصرون لهم. وقد بنيت أكثر هذه الكتب على محض آراء الرجال وتفريعاتهم. وفيها من المسائل المخالفة لمذاهب الأئمة الأربعة في أصول الدين – فضلا عن فروعه- شيء كثير. وقد تغالى كثير من الجهلة الحمقى- أمثال هذا المعترض- في الدعوة إلى التقليد الأعمى. وحرموا النظر في نصوص الكتاب والسنة لأجل العمل بهما والتحاكم إليهما. وقد قال هذا المعترض الملحد: "ومع هذا فأخبرونا متى اجتمعت الأمة على التعبد والتعامل بصحيح البخاري أو غيره؟ وأي عالم أو فقيه أفتى في حكم عن البخاري أو غيره؟ " ويعني بغيره: كتب الحديث. وهذا شطط عن سلوك سبيل المؤمنين ورفع للتقليد عن حدوده الجائزة بين من يعتد بهم من أئمة المسلمين. وهو عدم وجود النص أما إذا وجد النص من الكتاب أو السنة فلا يجوز التقليد. فكيف بمن ينكر النص والعمل به في أصح كتاب، بعد كتاب الله تعالى باتفاق الأمة وهو صحيح البخاري؟. ويقول: إنه لا يجوز تقليد أحد من هذه الأمة من أولها إلا آخرها، إلا الأئمة الأربعة مع أن الأئمة الأربعة قد نهوا عن تقليدهم وتقليد غيرهم، وأنكروا التقليد أشد إنكار في نصوص عنهم لا تقبل المغالطة. فأي تقليد يدعيه هؤلاء المبطلون، بعد ما اشتهر عن الأئمة من إنكار التقليد؟.