...
وأما قوله: "وقد تجد منهم عدداً وافراً من الأولياء الذين كانوا يتلقون الشريعة من ذات صاحبها عليه الصلاة والسلام، الذي لا خلاف بحياته. ولا تجد واحداً منهم غير متقيد بأحد الأئمة الأربعة - إلى آخر ما هذى به".
فأقول: إن تبجح هذا الملحد بهذا الزور والكفر، ودعواه أن هناك عدداً وافراً من الأولياء يتلقون الشريعة من ذات صاحبها عليه الصلاة والسلام بعد وفاته، ومن دون واسطة، ومع حصولهم على هذه الكرامة فإنهم لم يتقيدوا بما تلقوه عن صاحب الشريعة. قال: "بل لا تجد واحداً منهم غير متقيد بأحد الأئمة الأربعة" وهذا قول باطل منكر وزور وبهتان من جهة تلقي الشريعة من ذات صاحبها، بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. وقد ادعى هذه الدعوى من أغواهم الشيطان وزين لهم سوء أعمالهم وأحوالهم ممن غلبت عليهم الزندقة والمروق من الدين جملة. فإن هؤلاء من أولياء الشيطان، وإن زعم هذا الملحد وحزبه الأخسرون أنهم من أولياء الرحمن. وهذا الملحد وشيخه دحلان من جنود الشيطان يبثون الإلحاد بين العباد، ويروجون هذه الضلالات الكفرية بينهم، ويكذبون أخبار الله تعالى، وأخبار رسوله صلى الله عليه وسلم، ويتنقصون الصحابة رضي الله عنهم، ويبخسونهم حقهم في أفضليتهم لهذه الأمة المحمدية. إذ يزعم هؤلاء الملاحدة أن الحياة البرزخية كالحياة الدنيوية وأن ما يجوز طلبه من الأحياء يجوز طلبه من الأموات لأنهم أحياء في قبورهم، حياة يتصرفون فيها كتصرفهم في حياتهم الدنيوية. والله تعالى يقول: {وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ} [فاطر، الآية:22] ويقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر، الآية:30] يعني أنكم ببشريتكم تموتون موتة واحدة. ويقول تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران، الآية:144] ويقول تعالى عن نبيه ورسوله عيسى عليه السلام: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة، الآية: 117] وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" وروى