وقال ابن كثير في تاريخه: كان الشيخ عز الدين بن عبد السلام في آخر أمره لا يتقيد بالمذهب، بل اتسع نطاقه وأفتى بما أدى إليه اجتهاده.
وقال الزركشي في شرح المنهاج: لم يختلف اثنان في أن ابن عبد السلام بلغ رتبة الاجتهاد. ووصف الشيخ تاج الدين بن الفركاح وأبا شامة بالاجتهاد. وذكره السبكي في طبقاته، فقال في ترجمته: وكان يقال: إنه بلغ رتبة الاجتهاد. وأشار أبو شامة نفسه إلى ذلك في خطبته الكتاب"المؤمل في الرد إلى الأمر الأول".
ومن تأمل صنع النووي في شرح المهذب عرف أنه بلغ رتبة الاجتهاد لا محالة، خصوصاً اختياراته الخارجة عن المذهب. فإن ذلك شأن المجتهد.
وخرج الشيخ تاج الدين بن الفركاح بدعوى الاجتهاد لنفسه، فإنه ألف كتاباً سماه "الرخصة العميمة في أحكام الغنيمة" قرر فيه شيئاً خارجاً عن المذهب. وقال في آخره: هذا ما أدى إليه اجتهادي في هذه الأقوال على حسب هذه الأحوال بالاستنباط من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ومغازيه. وأقوال العلماء. هذه عبارته.
وما زلت في عجب مما كان بلغني من قول ابن الفركاح هذه المقالة. وكنت أقول: هذا شيء لا يعرف في المذهب، حتى رأيت كتابه وتصريحه فيه: بأنه قال ذلك اجتهاداً لنفسه لا نقلاً للمذهب، فانجلى ما كان في خاطري من ذلك.
وقال أبو حيان في النضار، في ترجمة قاضي الجماعة أبي عبد الله محمد بن علي بن يحيى المعروف بالشريف: كان يميل إلى الاجتهاد. وكانت وفاته سنة اثنتين وثمانين وستمائة. وادعى القاضي ناصر الدين بن المنير أحد أئمة المالكية –وهو رفيق ابن دقيق العيد- الاجتهاد. فقال في أول تفسيره: المقلد أعمى، والمخصوم أعشى، والمجتهد هو الذي يستبصر إن شاء الله، وقد شاء. فقوله: "وقد شاء" تصريح تدعواه إلى: وقد شاء الله إلى. وقال بعد ذلك: إن الإمام جمال الدين بن الحاجب كتب له إجازة بالفتوى. فكتب له فيها: إنه