لحفظها فقط. وقد فهم هذا الأحمق من كلام صاحب "كشف الظنون": أن آثار الصحابة رضي الله عنهم هي ثاني أدلة الأحكام. فقال: "قلت: إن قوله إنها ثاني أدلة الأحكام بناء على قاعدتهم، إلى آخر استنباطه" فما أحق هذا الأحمق بقول القائل:
قصرت في الفهم، فاقصر في الكلام فما ... ذا عشك، ادرج، فما حبر كجاهله
ثم إن المعترض نقل كلاماً ذكر أنه رآه في الفصل السادس من كتاب "الفلاكة والمفلوكون" ذكر في آخره كلاماً مستطاباً في الثناء على الأئمة المجتهدين، ورواة الحديث في الصدر الأول من هذه الأمة. وهذا مما يضيق له صدر هذا الملحد ولكنه ختمه بقوله: "إنه قد تقرر الإجماع على تقليد المذاهب الأربعة".
ثم قال: "فانظر يا أخي أي برهان أوضح لذي بصيرة أنارها الله بالإيمان من اجتماع بضع وتسعين جزءاً من مائة جزء من المسلمين – وهم أهل السنة – على هذه المذاهب الأربعة من حين ظهورهم إلى الآن مع ما هم عليه من تباعد الأقطار واختلاف اللغات والعوائد والأخلاق، ولو أردت إحصاء ما ظهر في هذه القرون من هذه الأمم من كبار العلماء الشاهدة آثارهم على عظيم مقامهم وقوة اقتدارهم على الاجتهاد لو أرادوه لما استطعت ذلك".
أقول: إن هذا المعترض قد أكثر من ترديد هذه الافتراءات على المسلمين وأهل السنة بأنهم مجمعون على تقليد الأئمة الأربعة، إلى آخر ما هذى به. وقد تقدم من كلام المعترض شيء كثير في هذا المعنى قد وفيناه حقه من الرد عليه. وربما بكون في ردنا هنا نوع تكرير. فما العمل؟ ونحن أمام أحمق مبطل، بضاعته تكرير الكلام وترويج الباطل.
فنقول: قد تقدم قريباً كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في رده على الرافضي، حيث رمى أهل السنة بأنهم قد أحدثوا مذاهب أربعة، لم تكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا زمن أصحابه. وقال الإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله تعالى