قلنا بموجب قوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من شرب الخمر أو عق والديه" – ثم ذكر أيضاً أحاديث بهذا المعنى – ثم قال: إلى غير ذلك من أحاديث الوعيد: لم يجز أن يعين شخص ممن فعل بعض هذه الأفعال. ونقول: هذا المعين قد أصابه هذا الوعيد، لإمكان التوبة وغيرها من مسقطات العقوبة. ولم يجز أن نقول: هذا يستلزم لعن المسلمين ولعن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولعن الصديقين، أو الصالحين لأنه يقال: الصديق والصالح متى صدرت منه بعض هذه الأفعال، فلا بد من مانع يمنع لحوق الوعيد به، مع قيام سببه. ففعل هذه الأمور ممن يحسب أنها مباحة باجتهاد، أو تقليد، أو نحو ذلك، غايته أن يكون نوعاً من أنواع الصديقين الذين امتنع لحوق الوعيد بهم لمانع، كما امتنع لحوق الوعيد به لتوبة أو حسنات ماحية أو غير ذلك.
واعلم أن هذه السبيل هي التي يجب سلوكها، فإن ما سواها طريقان خبيثان:
أحدهما: القول بلحوق الوعيد لكل فرد من الأفراد بعينه، ودعوى أن هذا عمل بموجب النصوص وهذا أقبح من قول الخوارج المكفرين بالذنوب والمعتزلة وغيرهم، وفساده معلوم بالاضطرار، وأدلته معلومة في غير هذا الموضوع.
انتهى المقصود من نقل كلام الشيخ ابن تيمية الذي حرفه المعترض ليقابله القراء، وكل مطلع عليه، وليتحققوا تحريف هذا الملحد لكلام العلماء ونسبته إلى الشيخ ابن تيمية من القول ما لم يقله.
وأما قول المعترض: "فهذا كلام إمامكم بنصه".
فالجواب أن نقول: ليس هذا كلام إمامنا، فقد غير المعترض لفظ كلام إمامنا ومعناه. وقد أوردنا نحن نص كلام إمامنا بالحرف الواحد، ليعلم قدر أمانة هذا المحرف المنحرف عن سبيل المؤمنين.