وبينوا ما كان خافياً مما عجز الصحابة والتابعون من بعدهم عن معرفته وبيانه. وكأنه هذا القائل لم يسمع الآيات والأحاديث الواردة في إكمال الله تعالى لهذا الدين، وحفظه له من كيد أعدائه الظالمين، وإبلاغه لهذه الأمة بأتم بلاغ مبين، حيث يقول تعالى: {وَاخْشَوْنِي الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً} [المائدة، الآية: 3] وقال صلى الله عليه وسلم: "تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك" وذلك وقبل أن يخلق الأئمة الأربعة وقرنهم الذي كانوا فيه. ومع ذلك فإن الأئمة الأربعة رحمهم الله لم يدعوا لأنفسهم ما ادعاه لهم هذا الملحد الذي يزعم أنه يدافع عن مقام الأئمة الأربعة، مع أن هذا كذب منه، بل زور وبهتان بل ضلال وإضلال، فإنه من ألد أعدائهم، فإنه مشرك وهم موحدون وجاحد لصفات الله تعالى وهم لها مثبتون، ومبتدع في الدين وهم متبعون، ومقلد أعمى عن الهدى وهم بنور الله مهتدون. فهو إنما يدافع عن نفسه وشيعته أهل البدع والضلال، الذين أحلوا أنفسهم محل الأئمة الأربعة، وزعموا أن من طعن فيهم فقد طعن في الأئمة الأربعة كما ذكر ذلك الغزالي. وهكذا يتقمص هؤلاء الضلال شخصيات الصالحين وهم من ألد أعداء الدين.