...
وأما الفصل الثاني: فهذا هو. فألق سمعك لبيان فروع إجماع الحاج مختار وإياك أن يصيبك برشاش بحر جهله الأجاج، المتلاطم بوخيم الهوس والحماقة.
قال المعترض: "الفصل الثاني في أسباب اختلاف الأئمة، تقدم قبلاً قول الوهابية وإخوانهم: بأن الدين كان واحد والأئمة جعلوه أربعة. ولا جرم أن كل متفقه في الدين يعلم أن هذا القول كذب وافتراء على الدين والأئمة، وتضليل للناس، بل هم الذين جعلوه شاغراً مباحاً لكل عالم وجاهل أن يتعبد ويعامل كما يشاء ويرى. ولا دليل له إلا رأيه واستنباطه، فقل لي بعمرك هل سمعت أن في الدنيا هكذا دين؟ فما من دين ولا مذهب إلا وله أصول وفروع محررة يرجع إليها أهله، حتى الماديين ما أطلقوا القل لمن يشاء، بل لهم أصول يرجعون إليها. فأي ضلال وفساد أقبح من هذا الإطلاق؟ قاتلهم الله أنى يؤفكون".
أقول: قد تقدم الكلام على هذه الفرية التي يلصقها المعترض بالوهابيين وإخوانهم، وهي أنهم يقولون: "إن الدين كان واحداً والأئمة جعلوه أربعة" فقد كذبناها فيما مضى قريباً، ورددناها بالبرهان بما اغنى عن إعادته ههنا.
وأما قول المعترض: "بل هم الذين جعلوه شاغراً مباحاً لكل عالم وجاهل" إلى آخره.
فهذا كذب منه وبهت كعادته، فأما الجاهل: فلا خلاف عند من يعتد به من أئمة المسلمين أ، فرضه السؤال، كما أرشده الله إلى ذلك في كتابه الكريم حيث يقول تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل، الآية:43] ففرض الجاهل سؤال أهل الذكر عن حكم الله تعالى، وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، لا عن مذهب فلان وفلان، وأن لا يسأل جاهلاً أو مقلداً مثله. وأما العالم: ففرضه الرد إلى كتاب الله تعالى وإلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم عند الاختلاف. لقوله تعالى: