والسلام – فهذا الزعم من أكذب الكذب، وأبطل الباطل، فإن هذا العدد المذكور قد يستغرق أكثر ممن يدعون الإسلام فضلاً عن كونهم كلهم من أهل السنة مع ما هو معلوم مشهور لكل منصف، مطلع على أحوال من يدعون الإسلام أن الكثرة الكاثرة منهم ليس معهم غير الاسم، وأن ما عليه الأمة المحمدية اليوم – من كثرة الملل والنحل والتفرق في الدين – شاهد لصدق ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من وقوع ذلك في أمته، كما رواه الترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليأتين على أمتي كما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمة علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين كلهم في النار إلا واحدة. قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي".
وفي رواية أحمد وأبي داود عن معاوية: "ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة". وأخرج أبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه، والحاكم – وصححه – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" زاد في رواية: "كلها في النار، إلا واحدة، وهي الجماعة".
فانظر إلى جرأة هذا الملحد، الذي يزعم أن هذه الفرق – التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها من أمته وأنها كلها في النار إلا واحدة – قد أخذت أصول دينها وفروعها عن الأئمة الأربعة، وبواسطتهم إلى نبينا عليه الصلاة والسلام سبحانك هذا بهتان عظيم، بل هذه فرق شاقت الله ورسوله، واتبعت غير سبيل المؤمنين ولم تهتد بهدى سيد المرسلين، وعلى رأس هذه الفرق الخاسرة فرقة الحاج مختار وشيخه دحلان، دعاة الشرك في عبادة الله تعالى، والصد عن كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والكذب على عباده الموحدين، ويدعون أنهم من أتباع الأئمة الأربعة – مع أن الأئمة الأربعة بريئون منهم، ومما هم عليه من الإلحاد في دين