اعترض يدلي به المخالف. فجاء رحمه الله تعالى بما شفى وكفى وجلا بنور الحق ظلمة الباطل فهفى.
قال الشيخ رحمه الله تعالى في الوجه السادس والأربعين من رد هذا القول: وكيف يطيب قلب عالم يقدم على أقوال من وافق ربه تعالى في غير حكم فقال وأفتى بحضرة الرسول ونزل القرآن بموافقة ما قاله لفظاً ومعنى: قول متأخر بعده، ليس له هذه الرتبة ولا يدانيها؟ وكيف يظن أحد أن الظن المستفاد من آراء المتأخرين أرجح من الظن المستفاد من فتاوى السابقين الأولين، الذين شاهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا التأويل؟ وكان الوحي ينزل خلال بيوتهم، وينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أظهرهم. قال جابر: "والقرآن ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو يعرف تأويله فما عمل به من شيء عملنا به" في حديث حجة الوداع، فمستندهم في معرفة مراد الرب تعالى من كلامه ما يشاهدونه من فعل رسوله وهديه، الذي يفصل القرآن ويفسره، فكيف يكون أحد من الأمة بعدهم أولى بالصواب منهم في شيء من الأشياء؟ هذا عين المحال. انتهى المراد منه.
وقال الأوزاعي: "عليك بآثار من سلف، وإن رفضك الناس وإياك ورأي الرجال، وإن زخرفوه لك بالقول" وعين بقية بن الوليد: قال لي الأوزاعي: "يا بقية، العلم ما جاء عن أصحاب محمد، وما لم يجىء عن أصحاب محمد فليس بعلم". وقال الشعبي: إذا جاءك الخبر عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فضعه علي رأسك، وإذا جاءك عن التابعين فاضرب به أقفيتهم. وقال الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي في كتابه "الاعتصام" في الكلام على حديث افتراق الأمة، وبيان الفرقة الناجية منها، قال: فبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: "ما أنا عليه وأصحابي" ووقع ذلك جواباً للسؤال الذي سألوه، إذ قالوا: "من هي يا رسول الله؟ " فأجاب: إن الفرقة الناجية من اتصف بأوصافه عليه السلام، وأوصاف أصحابه وكان ذلك معلوماً عندهم غير مخفي، فاكتفوا به. وربما يحتاج إلى تفسيره بالنسبة إلى من بعدهم في تلك الأزمان.