بالاتفاق: الاشتراك، إما في الاعتقاد أو في القول أو في الفعل. ويخرج بقوله: "مجتهدي أمة محمد" اتفاق العوام. فإنه لا عبرة بوفاقهم ولا بخلافهم، ويخرج منه أيضاً اتفاق بعض المجتهدين، وبالإضافة إلى "أمة محمد صلى الله عليه وسلم" اتفاق الأمم السالفة، ويخرج بقوله: "بعد وفاته" الإجماع في عصره، فإنه لا اعتبار به، ويخرج بقوله: "في عصر من الأعصار" ما يتوهم أن المراد بالمجتهدين جميع مجتهدي الأمة في جميع الأعصار إلى يوم القيامة، فإن هذا توهم باطل، لأنه يؤدي إلى عدم ثبات الإجماع. إذ لا إجماع قبل يوم القيامة، وبعد يوم القيامة لا حاجة للإجماع، فالمراد "بالعصر" عصر من كان من أهل الاجتهاد في الوقت الذي حدثت فيه المسألة فلا يعتد بمن صار مجتهداً بعد حدوثها، وإن كان المجتهدون فيها أحياء. وقوله: "على أمر من الأمور" يتناول الشرعيات، والعقليات، والعرفيات، واللغويات. ومن اشترط في حجية الإجماع: انقراض عصر المجتهدين المتفقين على ذلك الأمر زاد في الحد قيد "الانقراض" ومن اشترط عدم سبق خلاف مستقر زاد في الحد "عدم كونه مسبوقاً بخلاف" ومن اشترط عدالة المتفقين لا بلوغهم عدد التواتر زاد في الحد ما يفيد ذلك. ثم قال: البحث الثاني في إمكان الإجماع في نفسه، فقال قوم منهم النظام وبعض الشيعة: بإحالة إمكان الإجماع، قالوا: إن اتفاقهم على الحكم الواحد الذي لا يكون معلوماً بالضرورة محال، كما أن اتفاقهم على الحكم الواحد الذي لا يكون معلوماً بالضرورة محال، كما أن اتفاقهم في الساعة الواحدة على المأكول الواحد، والتكلم بالكلمة الواحدة، محال. وأجيب بأن الاتفاق إنما يمتنع فيما يستوي فيه الاحتمال، كالمأكول المعين، والكلمة العينة. أما عند الرجحان بقيام الدلالة والأمارة الظاهرة فذلك غير ممتنع، وذلك كإتفاق الجمع العظيم على نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا، ثانياً: إن اتفاقهم فرع عن تساويهم في نقل الحكم إليهم، وانتشارهم في الأقطار يمنع نقل الحكم إليهم. وأجيب بمنع كون الانتشار يمنع ذلك مع جدهم في الطلب وبحثهم عن الأدلة. وإنما يمتنع ذلك على من قعد في قعر بيته لا يبحث ولا يطلب. قالوا، ثالثاً: الاتفاق إما عن قاطع أو ظني. وكلاهما باطل. أما القاطع: فلأن العادة تحيل عدم نقله فلو كان