وبعد، فهل الواجب على المكلفين أن يتقيدوا بقول إمام أو عالم، أم بقول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم؟ والله تبارك وتعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً} [النحل، الآية: 89] وهذا الملحد يقول: إن في الكتاب والسنة الناسخ والمنسوخ – إلى آخر ما قال. ثم يقول: إن هذه الأقسام هو أوسع أسباب الاختلاف بين الصحابة والتابعين والأئمة، وأن كتب الحديث ليس فيها بيان ولا إشارة تهدي إلى الصواب ونحن نقول: سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم. وقد تقدم الكلام في بيان مذهب الوهابيين وبيان أصوله وفروعه بما أغنى عن إعادته هنا.
قال المعترض: "ولنرجع إلى المقصود من هذه الرسالة وبالله الاستعانة".
فأقول: قد أتى المعترض في أول رسالته هذه على مسائل زعمها من أصول الدين وقد تمادى في الخوض فيها من غير تحقيق لها ولا بحث أو تدقيق عن وجه الحق فيها مع أن في عدم التثبت فيها مزلة أقدام، قد تفضي بصاحبها إلى المروق من الإسلام، وذلك بأن يرتكب أموراً تناقض أصل الإسلام مع زعمه أنه من المحافظين عليه. وشر هذه الأمور أن يتخذ العبد إلهه هواه ثم يعتمد على جهله وتقليده لساداته وكبرائه من أهل الضلال، الداعين إلى سبل الشيطان، المفضية بسالكها إلى ارتكاب الشرك والبدع في دين الله تعالى والدعوة إليها، ومعاداة حزب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وتكفيرهم، ورميهم بما هم براء منه بمجرد الزور والبهتان، كما عليه هذا الملحد صاحب هذه الرسالة وشيخه دحلان.
فإن الملحد قد افتتح رسالته هذه في أول صحيفة منها في مناقشة علماء أهل السنة والجماعة المعاصرين له، كالشيخ الإمام محمد عبده بمصر، والشيخ العلامة جمال الدين القاسمي بالشام، والإمام الجليل الشيخ محمود شكري الألوسي في بغداد وأتباعهم من أهل السنة والجماعة. وقد تغالى هذا الملحد في هذه المناقشة التي وجهها إليهم، حيث أخرجهم من الإسلام، وختم