على جراءة هذا الزنديق في إطلاقه اللعن على علماء الدين المحققين له الداعين إلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وأما قول الملحد: "إنهم يقتلون من يرد عليهم – إلى أخره".
فإن هذا من أظهر الكذب والزور. فإنهم – بحمد الله – لم يسفكوا في الحرمين دماً إلا دم ما أحل الله من بهيمة الأنعام، ولم يقتلوا أحداً ممن رد عليهم ولم يدخلوا الحرمين في حالة حرب، إنما دخلوهما في حال صلح وأمان. وقد تقدم فيما نقلته من تاريخ الإمام الجبرتي ومن تاريخ محمود فهمي المصري ما يكذب دعوة هذا المفتري، فراجعه. فإن فيه البيان الكافي لدحض أكاذيب هذا الملحد.
وقد كتب الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى، رسالة بعد دخولهم مكة المشرفة، نوردها هنا.
قال رحمه الله تعالى: وبعد، فأنا معشر الموحدين لما من الله علينا – وله الحمد – بدخول مكة المشرفة نصف النهار ثامن شهر محرم الحرام سنة ألف ومائتين وثمانية عشر من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد أن طلب شريف مكة وعلماؤها وكافة العامة من أمير الغزو سعود حماه الله الأمان وقد كانوا تواطأوا – أمراء الحجيج وأمير مكة – على قتاله والإقامة في الحرم ليصدوه عن البيت. فلما رجعت أجناد الموحدين ألقى الله الرعب في قلوبهم فتفرقوا شذر مذر، كل واحد يعد الإياب غنيمة، وبذل الأمير حينئذ الأمان لمن بالحرم الشريف، فدخلناه وشعارنا التلبية، محلقين رؤوسنا ومقصرين غير خائفين من المخلوقين، بل من مالك يوم الدين. ومن حين دخل الجند الحرم وهم على كثرتهم مضبوطون متأدبون، لم يعضدوا بها شجرة، ولم ينفروا صيداً، ولم يريقوا دماً، إلا دم هدي أو ما أحله الله من بهيمة الأنعام على الوجه المشروع. ولما تمت عمرتنا جمعنا الناس ضحوة الأحد وعرض الأمير عافاه الله تعالى على العلماء ما يطلب من الناس ويقاتلهم عليه وهو إخلاص التوحيد لله وحده،