اقتدى بالمهاجرين والأنصار وعمل عملهم في نصر دين الله ورسوله والهجرة في سبيله أن ينسب إليهم أو أن يسمى باسمهم مع أن التسمي بأسماء الأنبياء والتكني بكناهم جائز لما رواه الترمذي من حديث محمد بن الحنفية عن علي رضي الله عنه قال: "قلت: يا رسول الله، إن ولد لي ولد من بعدك، أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال: نعم" قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وفي سنن أبي داود عن عائشة قالت: "جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني ولدت غلاماً فسميته محمداً وكنيته أبا القاسم، فذكر لي أنك تكره ذلك. فقال: ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي؟ أو ما الذي حرم كنيتي وأحل اسمي؟ ". وعلى هذا فجواز التسمية بالمهاجرين والأنصار أولى وأحرى لمن اقتدى بهم حقيقة. كيف؟ والعمل الذي تتحقق به النسبة إليهم محبوب على الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم بل واجب على كل مسلم قادر يؤمن بالله واليوم الآخر أن يهاجر من البلد الذي لا يتمكن فيه من إقامة دينه إلى بلد يتمكن فيه من إقامته وإظهاره. وهذا المعترض يزعم أن الهجرة قد انقطعت ومضى وقتها، فلا ناصر للدين، ولا مهاجر إليه، حتى يقتدي بمن قبله وينسب إليهم. وما هذا من هذا المعترض وأمثاله إلا من غلبة الجهل وغربة الدين. وقد قال الإمام المحدث أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله المخثعمي السهيلي في كتابه "الروض الأنف" في تفسير ما اشتمل عليه حديث السيرة النبوة لابن هشام فصل – وذكر حديث أصحاب الهجرة مع النجاشي، وما قاله جعفر، إلى آخر القصة – وليس فيها إشكال. وفيه من الفقه: الخروج عن الوطن، وإن كان الوطن مكة على فضلها إذا كان الخروج فراراً بالدين، وإن لم يكن إلى إسلام. فإن الحبشة كانوا نصارى يعبدون المسيح ولا يقولون: هو عبد الله. وقد تبين ذلك في هذا الحديث، وسموا بهذه "المهاجرين" وهم أصحاب الهجرتين الذين أثنى عليهم بالسبق، فقال: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ} [التوبة، الآية:100] وجاء في التفسير: أنهم الذين صلوا القبلتين وهاجروا الهجرتين. وقد قيل أيضاً: هم الذين شهدوا بيعة الرضوان، فانظر كيف أثنى الله عليهم بهذه الهجرة، وهم قد خرجوا من بيت الله الحرام إلى دار كفر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015