للغير، والآخر حق له وهو سقوط نفقتها عنه، فقبل قوله فيما عليه ولا يقبل فيما له.
والثاني - وهو الأصح - أن نفقتها في كسبها؛ لأنه لا يمكن إيجابها على البائع؛ لأنا قد حكمنا أنها أم ولد للغير، ولا على المشتري؛ لأنه لا يدعي أنها أم ولد له، فلم يبق إلا إيجابها في كسبها، فإن بقي من كسبها شيء.. كان موقوفا.
وأما الميراث: فإن ماتت الجارية قبل الوطء.. فللبائع أن يأخذ من مالها قدر الثمن الذي يدعي أنه باعها به؛ لأن من انتقلت إليه يقر له بجميع مالها، وهو يقر به لمن انتقلت إليه ويدعي عليه الثمن، وما بقي من مالها حتى يصطلحا عليه.
فإن ماتت بعد موت من هي بيده.. كان إرثها لولدها، فإن كان ولدها قد مات قبلها.. كان مالها لمناسبها، فإن لم يكن لها مناسب.. فميراثها موقوف؛ لأن ولاءها موقوف لا يدعيه أحدهما، وليس للبائع أن يأخذ منه شيئا؛ لأنه يدعي الثمن على الواطئ وقد مات قبلها. وإن رجع أحدهما عن إقراره، فإن رجع البائع.. لم يقبل قوله في إسقاط حقها ولا حق ولدها من الحرية، ويقبل قوله في سقوط الثمن عن المشتري ورجوع الولاء إليه فيأخذ مالها. وإن رجع الواطئ.. وجب عليه الثمن، وكانت الجارية على ما ثبت لها من حرمة الاستيلاد، والولد على ما ثبت له من الحرية.
والله أعلم، وبالله التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ونعم الولي ونعم النصير، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي الأمي وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، ورضي الله عن الصحاب أجمعين.
تم الكتاب بحمد الله تعالى منه، وكرمه ولطفه وعونه، وتيسيره وهدايته وفضله، وصلواته على رسوله سيدنا محمد النبي وآله وصحبه، وسلامه عليهم أجمعين وبه تم كتاب " البيان ".
وقع الفراغ من تمام هذا الجزء الآخر ليلة الخميس ثلاث عشرة من شهر رجب الفرد من شهور سنة اثنتين وثلاثمائة وألف من الهجرة المطهرة على صاحبها الصلاة والسلام.