وقال ابن المسيب: إن كان واجدًا لغيره من الماء.. لم يجز الوضوء به، وإن لم يجد غيره.. جاز الوضوء به.
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] [النساء: 43] . وماء البحر يسمى ماءً. وروى أبو هريرة: «أن رجلًا قال: يا رسول الله إنا نركب في البحر أرماثًا، ومعنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هو الطهور ماؤه الحل ميتته» ، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من لم يطهره البحر، فلا طهره الله» .
وأما الماء المشمس: فإن لم يقصد إلى تشميسه.. لم تكره الطهارة به؛ لأنه لا يمكن صون الماء عن الشمس، وإن قصد إلى تشميسه.. فهل تكره الطهارة به؟ فيه خمسة أوجه:
أحدهما - وهو المنصوص - (أنه يكره) ؛ لما روي: «أن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سخنت ماء بالشمس، فقال لها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يا حميراء، لا تفعلي هذا، فإنه يورث البرص» ، تقول العرب: امرأة حميراء أي: بيضاء. وروي: أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان ينهى عن الماء المشمس، وقال: (إنه يورث البرص) ، فذكر أن رجلًا عانده في ذلك، وكان يتطهر به، فما مات حتى أصابه البرص.