قال المسعودي [في " الإبانة "] : إذا شهد بحق لآدمي قبل أن يستشهد.. فهل تصح شهادته؟ فيه وجهان.
فإذا قلنا: لا تصح.. فهل يقدح في عدالته؟ فيه وجهان. الأصح: أنه لا يقدح في عدالته إلا أنه أساء.
وإن كانت عنده شهادة بحق لله تعالى.. فالمستحب له: أن لا يشهد بها؛ لأنه مندوب إلى ستره، فإن شهد بها.. جاز؛ لما روي: (أن أبا بكرة ونافعا وشبل بن معبد شهدوا على المغيرة بالزنا عند عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ولم ينكر عليهم عمر ولا غيره من الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -) .
مسألة: [تشترط الشهادة للنكاح والرجعة في أحد القولين ولا تشترط في غيرهما عند الأكثرين] :
العقود على ضربين: ضرب يشترط الشهادة في صحتها، وضرب لا يشترط الشهادة في صحتها عندنا.
فأما الضرب الذي يشترط الشهادة في صحتها، فالنكاح، وفي الرجعة قولان، وقد مضى ذكر ذلك.
وأما الضروب التي لا يشترط الشهادة في صحتها: فهو ما عدا النكاح والرجعة، كالبيع والرهن والإجارة وغير ذلك من العقود. وبه قال أكثر أهل العلم.
وقال ابن المسيب: يجب الإشهاد على البيع، وبه قال الشعبي والضحاك وأهل الظاهر، فمن أهل الظاهر من قال: هي شرط في صحة البيع، ومنهم من قال: ليست بشرط. واختلفوا في كيفية الإشهاد، فمنهم من قال: يجب على المتعاقدين أن يقولا: أشهدناكم. ومنهم من قال: إحضارهم يكفي.
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [البقرة: 282] الآية [البقرة: 282] فمنها دليلان: