ودليلنا: ما روي: (أن عبد الرحمن بن عوف مر بقوم يحلفون بين الركن والمقام، فقال: أعلى دم؟ قالوا: لا، قال: أفعلى عظيم من المال؟ قالوا: لا، قال: لقد خشيت أن يتهاون الناس بهذا المقام) يعني: يستخفون بحرمته. ففرق بين العظيم وغيره، والعظيم هاهنا أراد به الكثير؛ لأنه قرنه بالدم، وذلك يحتمل القليل والكثير، فكان حمله على النصاب الذي تجب فيه الزكاة أولى؛ لأنه القدر الذي يحتمل المواساة. والخبر الذي احتج به ابن خيران.. فالمراد به: ضرب المثل والمبالغة في التحذير؛ كقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة.. بنى الله له بيتا في الجنة» ، والمراد به: ضرب المثل والمبالغة في الترغيب.
فإذا كانت اليمين في العتق، فإن كان الذي يحلف هو العبد.. غلظت عليه اليمين، سواء قلت قيمته أو كثرت؛ لأنه يثبت بيمينه العتق. وإن كان الذي يحلف هو السيد، فإن كانت قيمته أقل من النصاب.. لم تغلظ عليه اليمين. وإن كانت قيمته نصابا.. غلظت عليه اليمين؛ لأن المقصود بيمينه إثبات المال.
إذا ثبت ما ذكرناه: فإن التغليظ في الأيمان يقع بأربعة أشياء: بالعدد، واللفظ، والزمان، والمكان.
فأما العدد: فإنما يكون بالقسامة واللعان، وقد مضى بيانهما.