قد تساويا في الدعوى والبينة فأقرع بينهما، كما لو أعتق رجل في مرض موته عبيدا لا يخرجون من ثلثه. فإذا قلنا بهذا: فهل يحلف من خرجت له القرعة؟ فيه قولان:
أحدهما: يحلف؛ لأن القرعة ضعيفة، فرجحت باليمين ورجحت بهما البينة، فيكونان بمجموعهما قائمين مقام اليد التي تترجح بها إحدى البينتين.
والثاني: لا يجب عليه أن يحلف، وهو الأصح؛ لأن البينة ترجحت بالقرعة؛ لأن كل دليلين تقابلا ووجد مع أحدهما ترجيح.. قدم ولم يطلب ترجيح آخر، كما لو كان مع إحدى البينتين يد.
والصحيح هو الأول: أنهما تسقطان، وحديث تميم الطائي ضعيف، وحديث أبي موسى الأشعري محمول على أن البعير كان في أيديهما، وحديث ابن المسيب مرسل وعلى أنه لم يذكر عن أي شيء كان، ويحتمل أنه كان في العتق.
وأنواع البينة] : وإن كانت بينة أحدهما شاهدين، وبينة الآخر أربعة أو أكثر.. فنقل أصحابنا البغداديون: أنهما متعارضتان ولا ترجح بكثرة العدد. وحكى المسعودي [في " الإبانة "] : أن الشافعي قال في القديم: (ترجح البينة بكثرة عدد الشهود) ، وحكى: أنه مذهب مالك. والمشهور عن الشافعي ومالك وأكثر أهل العلم هو الأول.
وقال الأوزاعي: (تقسم العين بيد المدعيين على عدد الشهود، فيكون لصاحب الشاهدين ثلث العين ولصاحب الأربعة ثلثاها) .
دليلنا: أن عدد الشهود أمر مقدر في الشرع، وما قدر في الشرع لا يدخل الاجتهاد فيه كالدية لما قدرت في الشرع.. لم يجز أن يدخل فيها الاجتهاد، باختلاف