اليد، فلا فائدة في إقامة البينة. وهل تقبل بينة صاحب اليد بالملك له مطلقا من غير ذكر سبب الملك؟ فيه وجهان، حكاهما بعض أصحابنا قولين:
[أحدهما] : قال في القديم: (لا تقبل حتى يضيفه إلى سبب) ؛ لأنها قد تشهد له بالملك لأجل اليد.
و [الثاني] : قال في الجديد: (تقبل مطلقا) ، وهو الأصح؛ لأن الظاهر من حالهم أنهم لم يتعمدوا في شهادتهم يدا منازعة، وإنما شهدوا بالملك بأمر عرفوه غير اليد.
وإن كانت العين في يد أحدهما، فأقام الذي لا يد له بينة، فحكم له بها وسلمت العين إليه، ثم أقام صاحب اليد بينة أنها له.. نقض الحكم الأول وسلمت العين إلى صاحب اليد الأول؛ لأنا حكمنا لمن لا يد له ظنا منا أنه لا بينة لصاحب اليد، فإذا أقام البينة.. فقد بان أن له يدا وبينة، فقدمت بينته على بينة الآخر.
إذا ادعى رجلان عينا في يد ثالث، أو لا يد لأحدهما عليها، وأقام كل واحد من المدعيين بينة أن جميعها له.. ففيه قولان:
أحدهما: أن البينتين تسقطان، فيكون كما لو لم تكن معهما بينة - وبه قال مالك - لأن كل واحدة من البينتين أثبتت الملك لمن شهدت له، ولا يمكن أن يكون الشيء ملكا للاثنين في حالة واحدة ولا مزية لإحداهما على الأخرى فسقطتا، ولأنهما أوقعتا إشكالا في حق المالك منهما فسقطتا، كما لو شهدت البينة بملك عين لأحد الرجلين لا بعينه.