والثاني: لا يجوز أن يستخلف، وهو الأصح؛ لأنه نائب عن الإمام فلم يجز له الاستخلاف فيما يقدر عليه، كالوكيل في البيع.

وإن كان ما ولاه لا يقدر على النظر فيه بنفسه؛ بأن يولي الإمام رجلا القضاء على اليمن.. فله أن يستخلف فيما لا يمكنه النظر فيه بنفسه - كما قلنا فيمن وكل وكيلا في بيع ما لا يقدر عليه بنفسه - وهل له أن يستخلف فيما يقدر على النظر فيه بنفسه؟ على الوجهين الأولين:

فكل موضع قلنا: له أن يستخلف فيه، فاستخلف وحكم الخليفة بحكم.. فإنه يلزم بنفس الحكم، كالحكم الحاكم الذي ولاه الإمام.

وكل موضع قلنا: ليس له أن يستخلف فيه، فاستخلف وحكم الخليفة فيه.. فهو كما لو تحاكم خصمان إلى من يصلح للقضاء وليس بقاض على ما مضى.

[مسألة مدى صلاحية حكم القاضي في بلده أو غيرها]

] : وإذا ولى الإمام رجلا القضاء على بلد، فحضر إليه خصمان في البلد الذي ولي القضاء عليها من غير أهل ذلك البلد.. جاز أن يحكم بينهما.

وإن خرج القاضي عن البلد الذي ولي القضاء عليها إلى بلد آخر.. لم يجز له أن يكتب إلى حاكم آخر بما ثبت عنده ليحكم به، أو بما حكم فيه لينفذه، فإن فعل ذلك.. لم يعتد بكتابه.

وهكذا: إن وصل إليه كتاب من حاكم، فقرأه في بلد غير بلد عمله وشهد به عنده شاهدان بذلك.. لم يجز له العمل بموجب ما كتب إليه حتى يرجع إلى بلد عمله ويقرأ الكتاب ثانيا ويعيد الشاهدان الشهادة؛ لأنه في غير بلد عمله كسائر الرعية.

وإن حضر إليه خصمان في غير بلد عمله، فحكم بينهما.. لم يعتد به سواء كانا من بلد عمله أو من غيرها؛ لأنه هناك كسائر الرعية. هكذا قال أصحابنا.

والذي يقتضي المذهب: أنه يكون كما لو تحاكم رجلان إلى من يصلح للقضاء وليس بقاض على ما مضى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015