لما روي: (أن أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لما ولي الخلافة.. خرج إلى السوق برزمة ثياب، فقالوا: ما هذا؟ فقال: أنا كاسب أهلي، فقالوا: لا يصلح هذا مع الخلافة، فاجتمعت الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وقدروا له كل يوم درهمين من بيت المال) . وروي: (أن الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - جعلوا له كل يوم شاتين؛ شاة لغدائه وشاة لعشائه، وألف درهم في كل سنة. فلما ولي عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: لا يكفيني ذلك، فأضعفوا له ذلك) . وإذا ثبت ذلك في الإمامة.. كان في القضاء مثله؛ لأنهما في معنى واحد. وروي: أن عمر قال: أنزلت نفسي من هذا المال بمنزلة ولي اليتيم: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] [النساء: 6] .

وروي: (أن عمر رضي الله بعث إلى الكوفة عمار بن ياسر واليا، وعبد الله بن مسعود قاضيا، وعثمان بن حنيف ماسحا، وفرض لهم كل يوم شاة؛ نصفها وأطرافها لعمار، والنصف الآخر بين عبد الله وعثمان، وقال: إن بلدا يخرج منها كل يوم شاة لسريع خرابها) ، و: (لما ولى عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شريحا القضاء.. أجرى له كل شهر مائة درهم) ، و: (لما ولاه علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.. أجرى له ذلك) . ولأن مال بيت المال للمصالح، وهذا من المصالح.

ولا يكون ما يأخذه القاضي أجرة، وإنما هو رزق، كالذي يأخذه الإمام والمؤذن. وإن عقد الإجارة على القضاء.. لم يصح؛ لأنه عمل غير معلوم. وإن وجد الإمام من يتطوع للقضاء من غير رزق يأخذه.. لم يول القضاء من يطلب الرزق. ويدفع إلى القاضي مع رزقه شيء للقراطيس التي يكتب بها المحاضر والسجلات من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015