وإن اجتمع حد القذف وحد الشرب. فعلى تعليل أبي إسحاق: يقدم حد القذف. وعلى تعليل أبي عليّ بن أبي هُرَيرَة: يقدم حد الشرب. فإن اجتمع مع ذلك القطع في السرقة.. قدمت هذه الحدود على القطع؛ لأنها أخف.
ولا يقام عليه حد حتى يبرأ ظهره من ألم الحد الذي قبله.
فإن سرق نصابا في غير المحاربة ونصابا في المحاربة.. قطعت يمينه لأحد النصابين، وتقطع رجله لأخذ المال في المحاربة، وهل يوالى بين قطع اليد والرجل؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يوالى بينهما، بل لا يقطع حتى تندمل اليد؛ لأن اليد قد قطعت في السرقة بغير المحاربة، والرجل قطعت لأخذ المال في المحاربة، وهما سببان مختلفان.
والثاني: يوالى بينهما، وهو الأصح؛ لأنهما حد واحد.
فإن اجتمع عليه حد الزِّنَى، وحد القذف، وحد الشرب، والقطع لأخذ المال في المحاربة، والقتل في غير المحاربة.. فإن هذه الحدود تقام عليه على ما مَضَى، ثم تقطع يده اليمنى ورجله اليسرى. قال الشيخُ أبُو حامد: فإذا اندملتا.. قتل قصاصا.
وقال ابن مَسعُودٍ: (يقتصر على القتل وحده) . وبه قال النخعي.
دليلنا: الظواهر في وجوب هذه الحدود، ولم تفرق.
وإن اجتمع عليه حد الزِّنَى، وحد القذف والشرب، وأخذ المال في المحاربة، والقتل في المحاربة.. فإن هذه الحدود تقام عليه، ثم يقتل ولا يقطع للمحاربة؛ لأن المحارب إذا أخذ المال وقتل.. لم يلزمه القطع، وإنما يقتل ويصلب. وهل يجب التفريق بين هذه الحدود؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجب التفريق بينها؛ لأنه إذا والى بين حدين.. لم يؤمن أن يموت قبل استيفاء ما بعدهما.