وروت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ما أسكر الفرق منه.. فملء الكف منه حرام» . و (الفرق) بسكون الراء -: مكيال يسع مائة وعشرين رطلا. وبنصب الراء: يسع ستة عشر رطلا. والخبر رُوِيَ بنصب الراء.

ولأن الله تَعالَى حرم الخمر ونبه على المعنى الذي حرمها لأجله؛ وهو: أن الشيطان يوقع فيها العداوة والبغضاء ويصد بها عن ذكر الله وعن الصلاة، وهذه المعاني موجودة في هذه الأشربة، فوجب أن يكون حكمها حكم الخمر في التحريم والحد.

إذا ثبت هذا: فاختلف أصحابنا في هذه الأشربة: هل يقع عليها اسم الخمر؟

فمنهم من قال: يقع عليها اسم الخمر؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن من التمر خمرا، وإن من العسل خمرا، وإن من الشعير خمرا، وإن من البر خمرا» . ورُوِي عن عمر وأبي موسى الأشعري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أنهما قالا: (الخمر ما خامر العقل) . فعلى هذا: يحتج على تحريم هذا الأشربة بالآية. وقال أكثر أصحابنا: لا يقع عليها اسم الخمر؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حرمت الخمرة بعينها، والمسكر من كل شراب» فلو كان اسم الخمر يطلق على هذه المسكرات.. لاكتفى بقوله: «حرمت الخمرة بعينها» . فعلى هذا: لا يدل على تحريم هذه الأشربة إلا السنة والقياس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015