وقال أبُو ثور: (يجب عليه الرجم إذا زنَى بعد أن صار ثيبا؛ لقوله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الثيب بالثيب جلد مائة والرجم» ولم يفرق بين الحر والمملوك) . ولأنه حد لا يتبعض فاستوى فيه الحر والمملوك، كالقطع في السرقة. وهذا خطأ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] [النساء: 25] فجعل على الأمة مع إحصانها نصف ما على المحصنات من العذاب، والرجم لا يتنصف.
ومعنى قَوْله تَعَالَى: {أحصن} بفتح الهمزة أي: أسلمن. وعلى قراءة من قرأها بضم الهمزة، أي: تزوجن.
وروى أبُو هُرَيرَة، وزيد بن خالد الجهني - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، فقال، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:» «إذا زنت أمة أحدكم.. فليجلدها، فإذا زنت.. فليجلدها، فإذا زنت.. فليبعها ولو بضفير ". قال ابن شهاب: لا أدري " فليبعها» «قاله في الثالثة أو في الرابعة؟» و (الضفير) : هو الحبل الخلق من الشعر. ولأن الحد بني على التفضيل، فإذا لم يتبعض.. سقط فيه المملوك، كالشهادة والميراث.
ومعنى قولنا: (بني على التفضيل) أي: أن حد المملوك في الجلد على النصف من حد الحر؛ لأن الحر أفضل، وحد الثيب أغلظ من حد البكر؛ لأن الثيب أفضل، ونساء النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يضاعف عليهن العذاب لو أتين بفاحشة؛ لأنهن أفضل. وفيه احتراز من القطع في السرقة؛ لأنه لم يبن على المفاضلة، بل يستوي فيه الجميع.