فعلى هذا: لا يجوز بيعها ولا وقفها ولا هبتها.
فإن قيل: فالبيع عندكم لا يصح إلا بثمن معلوم، وكذلك الإجارة لا تصح إلا إلى مدة معلومة وأجرة معلومة، فكيف صح بيعها أو إجارتها على ما ذكرتم؟
فالجواب: أن البيع لا يصح إلا بثمن معلوم، والإجارة لا تصح إلا إلى مدة معلومة وبأجرة معلومة إذا كانت المعاملة في أموال المسلمين، فأما إذا كانت في أموال الكفار.. فلا يفتقر إلى ذكر ذلك؛ لما رُوِيَ: «أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نفل في البدأة الربع، وفي الرجعة الثلث» وهذا عوض مجهول؛ لأنه معاملة في أموال الكفار.
فإذا قلنا: إنها مبيعة إليهم.. فالمنازل في أرض السواد دخلت في البيع.
وإن قلنا: إنها وقف.. فهل دخلت المنازل في الوقف؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنها وقف.. كالمزارع.
والثاني: أنها لم تدخل في الوقف؛ لأنا لو قلنا: إنها دخلت في الوقف.. أدى إلى خرابها. قال الشيخُ أبُو إسحاق: وأمَّا الثمار: فهل يجوز لمن هي في يده الانتفاع بها؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز، وعلى الإمام أن يأخذها ويبيعها، ويصرف ثمنها في مصالح المسلمين؛ لما رُوِيَ: عن أبي الوليد الطيالسي أنه قال: أدركت الناس بالبصرة يحمل إليهم التمر من الفرات.. فلا يقدمون على شرائه.
والثاني: يجوز لمن في يده الأرض الانتفاع بثمرتها؛ لأن الحاجة تدعو إليه، فجاز كما تجوز المساقاة والمضاربة على جزء مجهول.
وعندي: أن هذين الوجهين إنما يكونان في ثمرة الأشجار التي كانت موجودة في أرض السواد يوم ردها عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أهلها.
فإذا قلنا: إن الأرض وقف، وأجرها ممن هي في يده؛ لأن الأرض إذا