عليهم إلى البحار. ويمنعون من الإقامة في سواحل بحر الحجاز وجزائره؛ لأن لها حرمة أرض الحجاز) .
ولا يجوز لأحد من الكفار دخول الحرم بحال.
وحكى ابن الصباغ: أن أبا حَنِيفَة قال: (يجوز لهم دخوله، ولهم أن يقيموا فيه مقام المسافر، ويجوز لهم - عنده - دخول الكعبة) .
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] [التوبة: 28] . ففيها ثلاثة أدلة:
أحدها: قوله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] [التوبة: 28] ولم يرد أنهم أنجاس الأبدان؛ لأنهم إذا أسلموا.. فهم طاهرون، وإنما أراد نجس الأديان. فنزه الحرم عن دخولهم إليه لشرفه. ولأنه رُوِيَ: «أن الأنبياء - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - كانوا إذا حجوا وبلغوا الحرم.. نزعوا نعالهم ودخلوا حفاة؛ إجلالا للحرم» .
والثاني: قَوْله تَعَالَى: {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] [التوبة: 28] وأراد به: الحرم؛ لأن كل موضع ذكر الله المسجد الحرام.. فالمراد به: الحرم.
والدليل عليه: قوله عز وجل: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: 1] [الإسراء: 1] وأراد به: الحرم؛ لأنه أسرى به من بيت خديجة. وقال الله تَعالَى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [الفتح: 27] [الفتح: 27] ، وقال تَعالَى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] [المائدة: 95] وأراد به: الحرم.
الثالث: أنه قال في سياق الآية: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 28] [التوبة: 28] . وإنما خافوا العيلة بانقطاع المشركين عن التجارة في الحرم، لا عن المسجد نفسه.
ورُوِي: أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا يحجن مشرك بعد عامي هذا» .