قال الشافعي، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (وإن ضاق عن مبلغ العطاء.. فرقه بينهم بالغًا ما بلغ) . وأراد بذلك: إذا حصل في يد الإمام شيء من الفيء يضيق عن قدر كفايتهم.. فإنه يدفع لكل واحد منهم ما يخصه منه على قدر كفايته، ويتم له الباقي من بيت المال.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (ويعطى من الفيء أرزاق الحكام، وولاة الأحداث والصلاة لأهل الفيء، وكل من قام بأمر أهل الفيء ممن لا غنى لأهل الفيء عنه) .
واختلف أصحابنا في تأويل هذا:
فمنهم من قال: هذا على القول الذي يقول: (إن أربعة أخماس الفيء للمصالح) .. فيبدأ بكفاية أهل الفيء، ثم يصرف الباقي في الكراع، والسلاح، وسد الثغور، وأرزاق الحكام. فأما على القول الذي يقول: (إنه للمقاتلة) . فإن جميعه يصرف إليهم.
ومنهم من قال: هذا على القول الذي يقول: (إنه للمقاتلة) ؛ لأن حكام أهل الفيء ومن يصلي بهم وولاة أحداثهم ـ وهم من يلي مصالحهم منهم- فوجب أن يرزقوا من الفيء إذا لم يوجد من يتطوع لهذه الأمور.
وإن كان في الفيء ما لا ينقل، كالأرض والدور.. فخمسه لأهل الخمس. وأمَّا أربعة أخماسه: فقد قال الشافعي، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (تكون وقفًا للمسلمين، تستغل وتقسم عليهم في كل عام) . واختلف أصحابنا في تأويل هذا:
فمنهم من قال: هذا على القول الذي يقول: (إن أربعة أخماس الفيء تكون للمصالح) ؛ لأن المصلحة فيها أن تكون وقفا ًتستغل كل سنة. فأما على القول الذي يقول: (إن أربعة أخماس الفيء للغانمين) .. فلا تكون وقفًا، بل يجب قسمتها بين الغانمين ليتصرفوا فيها بما شاءوا، كأربعة أخماس الغنيمة.