غاب عندما كشفت العورة، ولو كان شيطانا.. لم يغب لذلك» .
ثم أمره الله تَعالَى بالإنذار وأن يدعو الناس إلى الله، فقال تَعالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] {قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: 2] {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] [المدثر: 1 - 4] وقال: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] [الكافرون: 1] إلى آخرها، وقال: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] [الشعراء: 214] .
«وكان النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتخوف أن يدعو قريشا إلى الله فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67] [المائدة: 67] ، فضمن له العصمة من الناس، فقام النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فجمع قومه ودعاهم إلى الله تَعالَى، فقال أبُو لهب: ألهذا دعوتنا، تبا لهذا الحديث، فأنزل الله تَعالَى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1] [المسد: 1] إلى آخرها» . فأمره الله تَعالَى بالإعراض عنهم، فقال: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68] [الأنعام: 68] وقال تَعالَى: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا} [الأنعام: 108] الآية [الأنعام: 108] ، فكان النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعرض عنهم، فكثر تأذي النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فأذن الله تَعالَى لهم في الهجرة، ولم يوجبها عليهم، فقال تَعالَى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: 100] الآية [النساء: 100] فهاجر بعض أصحاب النَّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الحبشة، وبعضهم