وهو رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأما ابن أبي قحافة: فليست صلاته سكنا لنا، ولهذا: لما انهزموا.. قالوا: والله ما كفرنا بعد إيماننا، وإنما شححنا على أموالنا.
فأما إذا لم يكن لهم تأويل سائغ، فحكمهم حكم قطاع الطريق.
وهل من شرطهم أن ينصبوا إماما؟ فيه وجهان:
أحدهما: أن ذلك من شرطهم؛ لأن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال: (وإن ينصبوا إماما) .
فعلى هذا: إذا لم ينصبوا إماما.. كانوا لصوصا وقطاعا للطريق.
والثاني - وهو المذهب -: أن ليس من شرطهم أن ينصبوا إماما؛ لأن أحكام أهل البصرة وأهل النهروان مع عليّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه - أحكام البُغاة، ولم ينصبوا إماما، وأمَّا ما ذكره الشافعيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فإنما ذكره؛ لأن الغالب من أمرهم أنهم ينصبون إماما.
قال القفال: وسواء كان الإمام عادلا أو جائرا.. فإن الخارج عليه باغ، إذ الإمام لا ينعزل بالجور، وسواء كان الخارج عليه عادلا أو جائرا.. فإن خروجه على الإمام جور.
وإذا اجتمعت هذه الشروط في الخارجين على الإمام.. قاتلهم الإمام، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] [الحجرات: 9] . وفى الآية خمسة أدلة:
أحدها: أن البغي لا يخرج عن الإيمان؛ لأن الله سماهم مؤمنين في حال بغيهم.
والثاني: وجوب قتالهم، حيث قال تَعالَى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [الحجرات: 9] [الحجرات: 9] .
والثالث: أنهم إذا رجعوا إلى الطاعة.. لم يقاتلوا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] [الحجرات: 9] .