[الأول] : قال أبو إسحاق: يجب ضمانه على عاقلته، وهو اختيار القاضي أبي الطيب، وقول أصحاب مالك؛ لأنه فرط بتركه مائلاً، فوجب عليه الضمان، كما لو بناه مائلا إلى الشارع.
و [الثاني] : قال أبو سعيد الإصطخري: لا يجب ضمانه، وهو المنصوص؛ لأن الميلان حدث من غير فعله، فهو كما لو سقط على إنسان من غير ميل.
فإن مال حائطه إلى هواء دار جاره.. فلجاره مطالبته بإزالته؛ لأن الهواء ملك لجاره، فكان له مطالبته بإزالة بنائه عنه، كما قلنا في الشجرة، فإن لم يزله حتى سقط على إنسان، فقتله.. فهو يجب عليه ضمانه؟ على الوجهين إذا مال إلى الشارع.
وإن استهدم من غير ميل.. فقد قال أبو سعيد الإصطخري، والشيخ أبو حامد: ليس للجار مطالبته في نقضه؛ لأنه في ملكه، فإن وقع على إنسان.. فلا ضمان عليه.
وقال ابن الصباغ: وهذا فيه نظر؛ لأنه ممنوع من أن يضع في ملكه ما يعلم أنه يتعدى إلى ملك غيره، كما ليس له أن يؤجج ناراً في ملكه يتعدى إلى ملك غيره مع وجود الريح، ولا يطرح في داره ما يتعدى إلى دار غيره، كذلك هذا مثله؛ لأن الظاهر أنه إذا كان مستهدماً.. أنه يتعدى إلى ملك غيره.. هذا مذهبنا.
وقال أبو حنيفة: (إذا بنى الحائط معتدلاً، ثم مال إلى دار الغير، فإن طالبه الغير بنقضه وأشهد عليه، فلم ينقضها حتى سقط وقتل إنساناً.. فعليه الضمان) .
وكذلك: إذا مال إلى دار إنسان، فأمره الحاكم بنقضه، وأشهد عليه، وأمكنه نقضه، فلم يفعل حتى سقط على إنسان وقتله.. فعليه الضمان. وإن ذهب ليجيء بالصناع لينقضه، فسقط وأتلف شيئاً.. فلا ضمان عليه، وإن لم يطالب بنقضه ولم يشهد عليه.. فلا ضمان عليه.