دليلنا: ما روي: (أن امرأة ذكرت عند عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بسوء، فبعث إليها، فقالت: يا ويلها، ما لها ولعمر؟ ! فبينما هي في الطريق إذ فزعت، فضربها الطلق، فألقت ولداً، فصاح صيحتين، ثم مات، فاستشار عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، فقال له عثمان، وعبد الرحمن بن عوف: لا شيء عليك، إنما أنت وال ومؤدب. وصمت علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فقال له: ما تقول؟ فقال له علي: إن اجتهدا.. فقد أخطآ، وإن لم يجتهدا.. فقد غشاك، إن ديته عليك؛ لأنك أنت أفزعتها، فألقت، فقال له عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أقسمت عليك لا برحت حتى تقسمها على قومك) . يعني: قوم عمر. ولم ينكر عثمان وعبد الرحمن ذلك فدل على: أنهما رجعا إلى قوله، وصار ذلك إجماعاً.
وإن فزعت فماتت.. لم يجب ضمانها؛ لأن ذلك ليس بسبب لهلاكها في العادة.
إذا طلب رجل رجلاً بصيراً بالسيف، ففر منه، فألقى نفسه من سطح وهو يراه، أو تردى في بئر أو نار وهو يراها، فمات.. لم يجب على الطالب ضمانه؛ لأنه حصل من الطالب بسبب غير ملجئ ومن المطلوب مباشرة، فتعلق الحكم بالمباشرة دون السبب، كما لو خاف منه، فقتل نفسه.
وإن طلب أعمى بالسيف، ففر منه، فوقع من سطح أو في بئر أو نار، فمات، فإن كان عالماً بالسطح والبئر والنار.. فلا ضمان على الطالب؛ لما ذكرناه في البصير، وإن كان المطلوب غير عالم بالسطح والبئر والنار، أو كان المطلوب بصيراً ولم يعلم بالسطح والبئر والنار، وفر منه على سطح يحسبه قوياً، فانخسف من تحته،