أحدهما: له أن يرجع؛ لأن القصاص أعلى، فجاز أن ينتقل عنه إلى الأدنى.

والثاني: ليس له أن يرجع إلى الدية؛ لأنه تركها، فلم يرجع إليها، كالقصاص.

إذا ثبت هذا: فللولي أن يعفو عن القود إلى الدية، سواء رضي القاتل به أو لم يرض، وبه قال ابن المسيب، وعطاء، والحسن، وأحمد، وإسحاق - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - تعالى.

وقال مالك، وأبو حنيفة: (لا يستحق الولي الدية إلا برضا القاتل) .

دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: 178] وإلى قوله: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178] (البقرة: 178) قيل في التفسير: معناه: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ} [البقرة: 178] يريد به: القاتل {مِنْ أَخِيهِ} [البقرة: 178] المقتول شَيْءٌ، أي: على شيء {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178] يريد به: على مال. {فَاتِّبَاعٌ} [البقرة: 178] ؛ لأنه كان في شريعة موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام: الذي يجب بالقتل هو القصاص فقط، وفي شريعة عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام: الدية فقط، فجعل الله لهذه الأمة القود في القتل، وجعل لهم العفو عنه على مال؛ تخفيفاً منه ورحمة.

ومن الدليل عليه: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فمن قتل بعده قتيلاً.. فأهله بين خيرتين: إن أحبوا.. قتلوا، وإن أحبوا.. أخذوا الدية» . ولم يعتبر رضا القاتل.

وروي عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أنه قال: (الولي في ذلك مخير بين القتل والدية) . ولا مخالف له في الصحابة، فدل على: أنه إجماع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015