ولأنه جرح مباح غير مجتهد فيه، فلم تكن سرايته مضمونة، كالقطع في السرقة.

فقولنا: (مباح) احتراز من القطع بغير حق.

وقولنا: (غير مجتهد فيه) احتراز من المولى عليه إذا كان به أكلة أو سلعة، فاجتهد الإمام في قطعها، فقطعها، فمات منه.

وإن قطع يد رجل، فقطع المجني عليه يد الجاني، ثم سرى القطع إلى نفس الجناية.. كانت السراية إلى نفس الجاني قصاصاً؛ لأن السراية في النفس لما كانت كالجناية في إيجاب القصاص.. كانت كالجناية في استيفاء القصاص.

فإن كانت بحالها إلا أن الجاني مات من القطع أولاً، ثم مات المجني عليه بعده من القطع.. ففيه وجهان:

أحدهما: أن السراية إلى نفس الجاني تكون قصاصاً؛ لأن نفسه خرجت مخرج القصاص، فكانت قصاصاً، كما لو مات المجني عليه، ثم مات الجاني.

والثاني: أن السراية إلى نفس الجاني لا تكون قصاصاً، وهو الأصح؛ لأن السراية سبقت وجوب القصاص، فلم تقع قصاصاً، وإنما تكون السراية هدراً.

فعلى هذا: يجب للمجني عليه في مال الجاني نصف الدية؛ لأنه قد أخذ يداً بنصف الدية.

وإن كانت الجناية موضحة.. أخذ منه تسعة أشعار الدية ونصف عشرها؛ لأنه أخذ منه ما يساوي نصف عشر الدية.

[مسألة موت القاتل يوجب الدية]

إذا قتل رجل رجلاً عمداً، فمات القاتل قبل أن يقتص منه ولي المقتول، أو قتله رجل غير ولي المقتول.. وجبت دية المقتول في مال القاتل، وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015