ذلك؛ لما روي عن عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أنه قال في خطبته: (لا تكلفوا الصغير الكسب، فإنكم متى كلفتموه الكسب.. سرق، ولا تكلفوا الأمة غير ذات الصنعة الكسب، فإنكم متى كلفتموها الكسب.. كسبت بفرجها) .
وإن طلب السيد أن يخارج عبده، وامتنع العبد، أو طلب العبد المخارجة وامتنع السيد.. لم يجبر الممتنع منهما على المخارجة؛ لأن المخارجة معاوضة، فلم يجبر الممتنع منهما عليها، كالكتابة.
ومن ملك بهيمة.. لزمه القيام بعلفها، سواء كانت مما يؤكل أو مما لا يؤكل؛ لما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «اطلعت في النار ليلة أسري بي، فرأيت امرأة فيها، فسألت عنها، فقيل: إنها ربطت هرة، فلم تطعمها ولم تسقها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت، فعذبها الله تعالى بذلك» . «واطلعت في الجنة، فرأيت امرأة مومسة - يعني: زانية - فسألت عنها، فقيل: إنها مرت بكلب يلهث من العطش، فأرسلت إزارها في بئر، ثم عصرته في حلقه، فغفر الله لها بذلك» . ولأن للبهائم حرمة بنفسها؛ ولهذا: (نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن تعذيب الحيوان) ، وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «في كل كبد حرى أجر» . فلو قلنا: لا يجب الإنفاق عليها.. أسقطنا حرمتها.