أحدهما: يلزمه كفارتان؛ لأنهما يمينان بالله حنث بهما، فهو كما لو كانتا على فعلين.
والثاني: لا تلزمه إلا كفارة واحدة، وهو الأصح؛ لأن الثانية لم تفد إلا ما أفادته الأولى.
وإن أطلق ولم ينو شيئا، فإن قلنا: إنه إن نوى الاستئناف لم تلزمه إلا كفارة واحدة.. فهاهنا أولى، وإن قلنا هناك: تلزمه كفارتان.. فهاهنا قولان، بناء على من كرر لفظ الطلاق، ولم ينو التأكيد ولا الاستئناف.
فإن قلنا هناك: لا يلزمه إلا طلقة.. لم تلزمه هاهنا إلا كفارة.
وإن قلنا هناك: تلزمه طلقتان.. لزمه هاهنا كفارتان.
وإن حلف على أمر مستقبل.. فالمستحب له: أن لا يكفر حتى يحنث؛ ليخرج من الخلاف.
وإن أراد أن يكفر قبل الحنث، فإن كانت اليمين على غير معصية، بأن حلف: ليصلين، أو لا يدخل الدار.. جاز له أن يكفر بالإطعام، أو الكسوة، أو العتق، وبه قال عمر وابن عمر وابن عباس وعائشة والحسن البصري وابن سيرين وربيعة ومالك والأوزاعي.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: (لا يجوز) .
دليلنا: ما روى أبو داود في " سننه " [ (3277) و (3278) ] : «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لعبد الرحمن بن سمرة: " إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها.. فكفر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير» .
ولأنه حق مال يتعلق بسببين يختصان به، فجاز تقديمه على أحدهما، كالزكاة.