وإن قال: [والله] لا فارقتك وقد بقي لي عليك حق، ثم أخذ منه عوضا، أو أبرأه، ثم فارقه.. لم يحنث؛ لأنه لم يبق له عليه حق.
وإن قال من عليه الحق: والله لا فارقتك حتى أدفع إليك ما لك علي، أو لأقضينك حقك، فإن كان الحق عينا.. فمعنى القضاء فيها: الرد، فإن وهبها صاحب الحق للحالف، فقبل الهبة، وأذن له في قبضها، وأتت عليه مدة القبض، وكان ذلك قبل أن يردها إلى مالكها.. حنث الحالف؛ لأنه فوت ردها إليه باختياره بقبول الهبة. وإن كان الحق عليه دينا، فأبرأه صاحب الحق، فإن قلنا: إن الإبراء يفتقر إلى القبول، فقبل من عليه الحق.. حنث؛ لأنه فوت الدفع والقضاء بقبوله البراءة، وإن قلنا: إن الإبراء لا يفتقر إلى القبول.. فقد برئ، وقد فاته الدفع والقضاء بغير اختياره.
قال المحاملي: فيحتمل أن يكون في حنثه قولان، كالمكره، ويحتمل أن لا يحنث، قولا واحدا؛ لأنه لم يوجد من جهته فعل بحال، لا مختارا ولا مكرها.
إذا ثبت هذا فإن المفارقة التي يحصل بها الحنث في جميع ذلك كالمفارقة التي ذكرناها في انقطاع خيار المجلس في البيع.
والله أعلم، وبالله التوفيق