فإن قيل: فكيف يكون عقدها والمقام عليها مكروها، وقد «سمع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأعرابي الذي سأله عن الصلاة، فقال: هل علي غيرها؟ فقال: " لا، إلا أن تطوع "، فقال: والله لا أزيد على ذلك ولا أنقص منه» ولم ينكر عليه؟
قلنا: يحتمل أنه لما حلف: أنه لا يزيد ولا ينقص.. تضمنت يمينه تركا لما هو معصية وما هو طاعة، وهو ترك النقصان عنها، فلذلك لم ينكره.
ويحتمل أن يكون لسانه سبقه إلى اليمين، وعلمه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلم ينكر عليه؛ لأنه لغو.
ويحتمل أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم ينكر عليه؛ ليدل على أن ترك التطوع جائز وإن كانت اليمين مكروهة، وقد كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفعل المكروه - كالالتفات في الصلاة - ليدل على الجواز.
والضرب الخامس: يمين عقدها مباح، والمقام عليها مباح، واختلف أصحابنا في حلها، وذلك مثل: أن يحلف: لا دخلت هذه الدار، أو لا سلكت هذه الطريق. وإنما كان عقدها والمقام عليها مباحا؛ لأنه مباح له ترك دخول الدار، وترك سلوك الطريق، وهل حلها أفضل له، أو المقام عليها؟ فيه وجهان: