وإن قال: إن كان هذا الطائر غرابا فنساؤه طوالق، وإن كان حماما فإماؤه حرائر، فطار ولم يعرف.. لم يحكم عليه بطلاق ولا عتق؛ لجواز أن لا يكون غرابا ولا حماما.
فإن ادعى النساء: أنه كان غرابا، وادعى الإماء: أنه كان حماما، ولا بينة.. حلف: أنه ليس بغراب يمينا، وأنه ليس بحمام يمينا؛ لأن الأصل بقاء النكاح والملك.
فرع: [اختلفا في عتق على طائر أنه غراب أم لا أو غراب أو حمام وطار ولم يعرف] :
وإن رأى رجلان طائرا، فقال أحدهما: إن كان هذا الطائر غرابا فعبدي حر، وقال الآخر: إن لم يكن غرابا فعبدي حر، فطار ولم يعرف.. علمنا أن أحدهما قد حنث في يمينه ولكن لا نعلمه بعينه.. فلا يحكم على أحدهما بالعتق؛ لأن كل واحد منهما يشك: هل زال ملكه عن عبده أم لا؟ والأصل بقاء ملكه.
فإن ملك أحدهما عبد الآخر بهبة أو ببيع أو إرث.. عتق عليه؛ لأن إمساكه لعبده إقرار منه بحرية عبد الآخر، وإنما لم يقبل إقراره على صاحبه؛ لأنه يقر بما لا يملكه، فإذا ملكه بعد ذلك.. لزمه حكم إقراره الأول، كما لو شهد رجل على رجل: أنه أعتق عبده، فلم تقبل شهادته عليه، ثم ملكه الشاهد بعد ذلك.. فإنه يعتق عليه بإقراره الأول.
وإن قال أحدهما: إن كان هذا الطائر غرابا فعبدي حر، وقال الآخر: إن كان حماما فعبدي حر، فطار الطائر ولم يعرف.. لم يحكم على أحدهما بعتق عبده.
فإن ملك أحدهما عبد الآخر بعد ذلك.. لم يعتق عليه؛ لجواز أن يكون ذلك الطائر ليس بغراب ولا حمام.
وإن ادعت المرأة على زوجها: أنه طلقها فأنكر، أو ادعت عليه: أنه طلقها ثلاثا فقال: بل طلقتها واحدة أو اثنتين ولا بينة.. فالقول قول الزوج مع يمينه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: