وإن نشزت منه مرة واحدة.. فله أن يهجرها، وهل له أن يضربها؟ فيه قولان:
أحدهما: ليس له أن يضربها- وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لأنها تستحق العقوبة على قدر جرمها؛ بدليل: أنها لا تستحق الهجران لخوف النشوز، فكذلك لا تستحق الضرب بالنشوز مرة واحدة.
فعلى هذا: يكون ترتيب الآية: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ} [النساء: 34] : إذا نشزن، و: {وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34] : إذا أصررن على النشوز.
والثاني: له أن يضربها، وهو الأصح؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34] .
فظاهر الآية: أن له أن يفعل الثلاثة الأشياء لخوف النشوز، فدل الدليل على: أنه لا يهجرها ولا يضربها عند خوف النشوز، وبقيت الآية على ظاهرها إذا نشزت.
ولأنها معصية يحل هجرانها، فأحلت ضربها، كما لو تكرر منها النشوز.
إذا ثبت هذا: فـ (الموعظة) : أن يقول لها: ما الذي منعك عما كنت آلفه من برك، وما الذي غيرك، اتقي الله وارجعي إلى طاعتي؛ فإن حقي واجب عليك، وما أشبه ذلك.
و (الهجران) : هو أن لا يضاجعها في فراش واحد؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} [النساء: 34] ..
ولا يهجر بالكلام، فإن فعل.. لم يزد على ثلاثة أيام. فإن زاد عليها.. أثم؛ لما روي: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نهى أن يهجر الرجل أخاه فوق ثلاثة أيام»