وإن حرم عليه نكاحها بوطء شبهة.. فهل تصير محرما له؟ فيه قولان، حكاهما الصيمري:
المشهور: أنها لا تصير محرما له؛ لأنها حرمت عليه بسبب غير مباح، فلم تلحق بذوات الأنساب.
والثاني: أنها تصير محرما له؛ لأنها لما ساوت من وطئت وطأ مباحا في تحريم النكاح ولحوق النسب من هذا الواطئ.. ساوتها في الخلوة والنظر.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وأهل الكتاب الذين يحل نكاح حرائرهم: اليهود والنصارى دون المجوس) .
وجملة ذلك: أن المشركين على ثلاثة أضرب:
ضرب لهم كتاب، وضرب لا كتاب لهم ولا شبهة كتاب، وضرب لهم شبهة كتاب.
فأما (الضرب الذين لهم كتاب) : فهم اليهود والنصارى، فإن كتاب اليهود: التوراة، وكتاب النصارى: الإنجيل، فيحل للمسلم نكاح حرائرهم، ووطء الإماء منهم بملك اليمين. وبه قال عامة أهل العلم.
وقال القاسم بن إبراهيم والشيعة: لا يحل؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: 221] [البقرة: 221] :
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] إلى قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] [المائدة: 4 - 5] .
قال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: (وهذه الآية نسخت قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: 221] [البقرة: 221] ؛ لأن المائدة نزلت بعد البقرة) . وهو إجماع الصحابة، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وأرضاهم.